تُعد سيارة هيونداي توسان، وخاصة الموديلات التي تم إنتاجها بين عامي 2016 و2021، من أكثر السيارات الرياضية متعددة الاستخدامات (SUV) انتشارًا وشعبية في مصر والوطن العربي. بفضل تصميمها الجذاب، وتقنياتها الحديثة، وأدائها المتوازن، استطاعت أن تحجز مكانة قوية في قلوب الكثيرين. لكن، وكأي سيارة أخرى، لا تخلو من بعض المشاكل والأعطال الشائعة التي قد تواجه مالكيها مع مرور الوقت وزيادة كيلومترات التشغيل. ومن بين هذه الأعطال، تبرز مشكلة محددة أصبحت حديث الكثير من المنتديات ومجموعات المالكين، وهي مشكلة “الكويل رقم 3”.

هذا المقال هو دليلك الشامل والمتعمق لفهم كل ما يتعلق بهذا العطل المزعج. سنتناول بالتفصيل الأعراض التي يجب أن تنتبه إليها، والأسباب التي قد تؤدي إلى تلف هذا الجزء تحديدًا، وسأشارككم تجربتي الشخصية مع هذا العطل، بالإضافة إلى قسم خاص للأسئلة والأجوبة يقدم حلولاً ونصائح عملية.

ما هو “الكويل” وما هي وظيفته الحيوية في محرك سيارتك؟

قبل الغوص في تفاصيل العطل، من الضروري أن نفهم أولاً ما هو “الكويل” وماذا يفعل. الكويل، أو “ملف الإشعال” (Ignition Coil) باللغة التقنية، هو بمثابة محول كهربائي صغير ولكنه قوي للغاية. وظيفته الأساسية هي أخذ جهد البطارية المنخفض (عادة 12 فولت) وتحويله إلى جهد كهربائي هائل قد يتجاوز 25,000 فولت.

لماذا نحتاج هذا الجهد العالي؟ الإجابة تكمن في شمعات الاحتراق (البوجيهات). هذا الجهد المرتفع هو ما يسمح بتكوين شرارة كهربائية قوية جدًا بين أقطاب البوجيه. هذه الشرارة تقوم بإشعال خليط الهواء والوقود المضغوط داخل أسطوانة المحرك. عملية الاحتراق هذه هي التي تولد الطاقة لدفع المكابس (البساتم) لأسفل، وبالتالي تدوير عمود الكرنك وتشغيل المحرك وتحريك السيارة. في محرك هيونداي توسان ذي الأربع أسطوانات، يوجد أربعة كويلات، كل واحد منها مسؤول عن إشعال شمعة الاحتراق في أسطوانة محددة.

علامات الخطر: كيف تعرف أن الكويل رقم 3 في سيارتك التوسان يحتضر؟

عندما يبدأ الكويل رقم 3 في الفشل، فإنه لا يفشل بصمت. بل يرسل مجموعة من الإشارات التحذيرية الواضحة التي يمكنك كسائق أن تلاحظها بسهولة. تجاهل هذه العلامات قد يؤدي إلى مشاكل أكبر. إليك أهم الأعراض:

  • الاهتزاز والتقطيع (التفتفة): هذا هو العرض الأشهر والأكثر إزعاجًا. ستلاحظ اهتزازًا ورجفة غير طبيعية في المحرك، خاصة عند التوقف في إشارة مرور أو عند السير بسرعات منخفضة. تشعر وكأن المحرك “يتخبط” أو يعمل على ثلاث أسطوانات بدلاً من أربعة.
  • ضعف ملحوظ في العزم والتسارع: عندما تفقد إحدى الأسطوانات قدرتها على الاحتراق بشكل صحيح، يفقد المحرك جزءًا من قوته الإجمالية. ستشعر أن السيارة أصبحت “ثقيلة” وأن استجابتها لدواسة الوقود أصبحت بطيئة وغير فعالة كما كانت.
  • إضاءة لمبة فحص المحرك (Check Engine): هذا هو المؤشر الرقمي لوجود مشكلة. يقوم كمبيوتر السيارة (ECU) برصد حدوث “اختلال في الإشعال” (Misfire) في الأسطوانة رقم 3، ويسجل رمز خطأ معين (غالبًا P0303)، ويقوم بإضاءة لمبة التحذير على لوحة العدادات لتنبيهك.
  • زيادة استهلاك الوقود: لأن الاحتراق غير كامل في الأسطوانة الثالثة، يحاول الكمبيوتر تعويض نقص القوة عن طريق ضخ المزيد من الوقود، مما يؤدي إلى زيادة ملحوظة في استهلاك البنزين دون الحصول على أداء أفضل.
  • رائحة وقود غير محترق: في بعض الحالات، قد تشم رائحة بنزين نيء تخرج من عادم السيارة، وهذا دليل على أن الوقود الذي يتم ضخه في الأسطوانة رقم 3 يخرج دون أن يحترق بالكامل.
نصيحة هامة: بمجرد ظهور لمبة فحص المحرك مع أي من الأعراض السابقة، من الضروري التوجه لمركز صيانة موثوق للكشف على السيارة بجهاز تشخيص الأعطال لتحديد سبب المشكلة بدقة.

تجربتي الشخصية مع عطل الكويل رقم 3

اسمي أحمد، وأمتلك سيارة هيونداي توسان موديل 2019. كانت السيارة تعمل بكفاءة ممتازة لأكثر من عامين حتى بدأت ألاحظ أمراً غريباً. في البداية، كان الأمر مجرد اهتزاز خفيف جدًا عند التوقف في إشارات المرور، لدرجة أنني كنت أظن أنني أتوهم. لكن مع مرور أسبوعين، أصبح الاهتزاز أكثر وضوحًا وتحول إلى “تفتفة” ملحوظة، خاصة في الصباح الباكر عند بدء تشغيل السيارة.

ثم جاءت الضربة الثانية: ضعف العزم. كنت أجد صعوبة في التسارع على الطرق السريعة، وأشعر أن السيارة لا تستجيب بنفس الحيوية المعتادة. وأخيرًا، في صباح أحد الأيام وأنا في طريقي للعمل، أضاءت لمبة فحص المحرك الصفراء على لوحة العدادات. هنا أدركت أن المشكلة حقيقية وتتطلب تدخلاً فورياً.

توجهت إلى مركز الصيانة الذي أتعامل معه، وقام الفني بتوصيل جهاز كشف الأعطال. وفي غضون ثوانٍ، ظهر على الشاشة رمز الخطأ الشهير: “P0303 – Cylinder 3 Misfire Detected”. أخبرني الفني أن هذا العطل شائع جدًا في هذه الموديلات، وأن المشكلة غالبًا تكمن في الكويل أو البوجيه الخاص بالأسطوانة الثالثة. لإجراء اختبار سريع وحاسم، قام بتبديل الكويل رقم 3 مع الكويل رقم 2. بعد مسح الأخطاء وتشغيل المحرك مرة أخرى، ظهر رمز خطأ جديد: “P0302”. كان هذا دليلاً قاطعاً على أن الكويل هو سبب المشكلة.

نصحني الفني باستبدال الكويل التالف بآخر أصلي، وأوصى أيضًا بتغيير طقم البوجيهات بالكامل بما أنها قطعت مسافة كبيرة. بعد تركيب الكويل الجديد والبوجيهات الجديدة، عادت السيارة إلى حالتها الطبيعية فورًا. اختفى الاهتزاز تمامًا، وعاد العزم والقوة، وانطفأت لمبة فحص المحرك. كانت تجربة مقلقة في بدايتها، لكنها علمتني أهمية الانتباه لأبسط التغييرات في أداء السيارة والتعامل معها بسرعة.

لماذا الكويل رقم 3 تحديدًا؟ الأسباب المحتملة

السؤال الذي يطرحه الكثيرون: لماذا يبدو أن الكويل رقم 3 هو الأكثر عرضة للتلف في هذه الموديلات؟ على الرغم من عدم وجود إجابة رسمية قاطعة من الشركة المصنعة، إلا أن هناك بعض النظريات والتكهنات المبنية على خبرات الفنيين والمختصين:

  • التصميم الحراري للمحرك: يعتقد بعض الخبراء أن تصميم بعض أجزاء المحرك قد يؤدي إلى تراكم الحرارة بشكل أكبر حول الأسطوانة رقم 3 مقارنة بالأسطوانات الأخرى. والحرارة هي العدو الأول للمكونات الإلكترونية مثل الكويلات، حيث تؤدي إلى تدهور العزل الداخلي وتلف الدوائر الإلكترونية بمرور الوقت.
  • تلف شمعات الاحتراق (البوجيهات): استخدام بوجيهات غير أصلية، أو تآكل البوجيهات القديمة، يؤدي إلى زيادة الفجوة بين أقطابها. هذا الأمر يجبر الكويل على العمل بجهد أكبر لتوليد شرارة قوية بما يكفي، مما يسبب إجهادًا حراريًا وكهربائيًا عليه ويقصر من عمره الافتراضي.
  • مشاكل في التوصيلات الكهربائية: قد تحدث مشاكل بسيطة مثل ارتخاء فيشة الكويل أو تآكل في الأسلاك الموصلة إليه، مما يسبب مقاومة كهربائية زائدة وارتفاع في درجة حرارة الكويل.
  • تسرب الزيت: تلف “جوان غطاء التاكيهات” يمكن أن يؤدي إلى تسرب الزيت إلى منطقة البوجيهات والكويلات، والزيت مادة موصلة يمكن أن تسبب قصرًا في الدائرة الكهربائية (Short Circuit) وتتلف الكويل.
  • الجودة والعمر الافتراضي: في النهاية، الكويلات هي قطع استهلاكية، وقد تكون جودة الكويلات المستخدمة في بعض دفعات الإنتاج أقل من غيرها، مما يجعلها أكثر عرضة للتلف المبكر.
تحذير: لا تقم أبدًا بتشغيل السيارة لفترات طويلة مع وجود عطل “Misfire”. الوقود غير المحترق يمكن أن يصل إلى علبة البيئة (Catalytic Converter) ويتلفها، وهي قطعة باهظة الثمن.

أسئلة شائعة وأجوبة (FAQ)

س1: هل يجب أن أغير كل الكويلات عند تلف واحد فقط؟
ج: ليس ضروريًا. يمكنك تغيير الكويل التالف فقط. ولكن، إذا كانت سيارتك قد قطعت مسافة كبيرة جدًا (فوق 150,000 كم)، فمن المحتمل أن بقية الكويلات اقتربت من نهاية عمرها الافتراضي. تغييرها جميعًا قد يكون خطوة استباقية جيدة لتجنب تكرار المشكلة في المستقبل القريب.

 

س2: هل يجب أن أستخدم كويلات أصلية فقط؟
ج: نعم، يوصى بشدة باستخدام قطع غيار أصلية (OEM) أو من شركات موثوقة ومعروفة بجودتها. الكويلات التجارية الرخيصة غالبًا ما تكون ذات جودة رديئة وتتعرض للتلف بسرعة، مما يكلفك المزيد من المال والوقت على المدى الطويل.

 

س3: هل يمكنني تغيير الكويل بنفسي؟
ج: نعم، عملية تغيير الكويل في هيونداي توسان تعتبر سهلة نسبيًا ولا تتطلب أدوات معقدة (عادة مفتاح ربط بحجم 10 مم). يمكنك العثور على العديد من الفيديوهات التعليمية على يوتيوب. لكن إذا لم تكن لديك خبرة ميكانيكية، فالأفضل ترك الأمر للمختصين لضمان التركيب الصحيح.

 

س4: كم تكلفة تغيير الكويل رقم 3؟
ج: تختلف التكلفة بناءً على سعر الكويل الأصلي في بلدك وأجرة يد الفني. لكن بشكل عام، لا يعتبر هذا الإصلاح من الإصلاحات باهظة الثمن.

 

س5: أين يمكنني إيجاد معلومات إضافية عن أعطال السيارات؟
ج: للحصول على معلومات موثوقة وتفصيلية عن مختلف أعطال السيارات، يمكنك زيارة مواقع متخصصة مثل موقع اعطال.كوم، الذي يقدم شروحات وحلولاً لمجموعة واسعة من المشاكل الميكانيكية والكهربائية للعديد من أنواع السيارات.

الخلاصة: الوقاية خير من العلاج

مشكلة الكويل رقم 3 في هيونداي توسان (2016-2021) هي بالفعل عطل شائع وموثق، لكنه ليس نهاية العالم. فهم الأعراض والتصرف السريع هو مفتاح الحل. للحفاظ على سيارتك وتجنب هذه المشكلة قدر الإمكان، احرص دائمًا على إجراء الصيانة الدورية في مواعيدها، واستخدام قطع غيار أصلية، وبالأخص تغيير شمعات الاحتراق (البوجيهات) وفقًا لتوصيات الشركة المصنعة. بهذه الطريقة، تضمن أن نظام الإشعال في سيارتك يعمل بكفاءة وتحافظ على أداء محركك قويًا وسلسًا لسنوات قادمة.